إلى الأخت الكريمة صاحبة السؤال الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
اختلف أهل العلم في جواز سفر المرأة لحج الفريضة من غير زوج أو ذي محرم منها فذهب أبو حنيفة وأحمد والنخعي وإسحاق والشافعي في أحد قوليه وغيرهم في القديم وابن باز وابن عثيمين والألباني وعلماء اللجنة الدائمة في الحديث إلي تحريم سفر المرأة للحج من غير محرم ولو كانت في رفقة مأمونة واستدلوا بأدلة صحيحة منها
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل فقال يارسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم "انطلق فحج مع أمرأتك") رواه البخاري ومسلم واللفظ له
وكذلك روي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تحل لإمراة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها)
ومن حديث أبي سعيد تحريم سفر المرأة من غير محرم مسيرة يومين، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما بتحريم سفر المرأة من غير محرم هكذا مطلقا فكل ما يعتبر سفرا يحرم علي المرأة من غير محرم.
قال النووي : ليس المراد من التحديد ظاهره بل كل ما يسمى سفرا فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم، وإنما وقع التحديد عن أمر واقع فلا يعمل بمفهومه (يعني تحديد تحريم السفر بيوم وليلة وبيومين وبثلاث في آحاديث أخر) وقال ابن المنير وقع الإختلاف في مواطن بحسب السائلين . انتهي ( فتح الباري (75 /4)
وذهب مالك والشافعي في أحد قوليه وروي قولا لأحمد بجواز سفر المرأة لحج الفريضة من غير محرم بصحبة آمنة واستدلوا عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ياعدي هل رأيت الحيرة -مدينة من المدن -قلت لم أراها وقد أنبئت عنها قال فإن طالت بك حياة لترين الظعينة -المرأة المسافرة -ترتحل من الحيرة حتي تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله) رواه البخاري
ويجاب عن ذلك بأن هذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم عن وقوع هذا الأمر وليس الإخبار بوقوع أمر ما دليل علي جوازه بل قد يكون جائزا وقد يكون محرما بحسب الأدلة الشرعية و سبق التحريم بالنصوص السابقة في مسألتنا هذه .
والمقصود من الحديث أنه سينتشر الأمن حتي أن بعض النساء تجترئ وتسافر من غير محرم وليس معناه أن سفرها من غير محرم جائز .
قال النووي رحمه الله ( ليس كل ما أخبر صلي الله عليه وسلم بكونه من علامات الساعة يكون محرما أو مذموما فإن تطاول الرعاء في البنيان وفشو المال وكون خمسين امرأة لهن قيم واحد ليس بحرام بلا شك وإنما هذه علامات والعلامة لا يشترط فيها شيء من ذلك بل تكون بالخير والشر والمباح والمحرم والواجب وغيره) انتهي . ومما سبق يظهر أن القول بجواز سفر المرأة من غير محرم للحج أو غيره بصحبة آمنة قول مرجوح. مع الأخذ في الإعتبار أن هذا الخلاف في حج الفريضة أما حج النافلة فقد اتفق العلماء علي أنه لا يجوز لها السفر إلا مع زوج أو محرم ) راجعي الموسوعة الفقهية (36/17)